القديس أسابسيماس

Saint Asapsimas 
   

 

 

 

 
 
 

 تذكار القديس أسابسيماس

 

1-   نمط حياته

في العصر ذاته، عاش اسابسيماس الذي ذاع صيته في الشرق كله. فقد حبس نفسه في بيت صغير، حيث قضى ستين سنة، لا يراه أحد، ولا ينطق بكلمة. لكنه كان يحصل على كل أنواع التعزية، وهو الذي استغرق في ذاته، بتأملاته، وفقاً للنبوءة القائلة : "تلذذ بالرب، فيعطيك سؤل قلبك" ( مز :4،36). كان يمدّ يده من ثقب صغير، ليتناول ما يأتونه به من طعام. لم يكن الثقب مستقيماً، بل منحرفاً بشكل مرفق، يمنع عنه نظر الفضوليين. أما الطعام فكان عدساً منقوعاً بالماء.

2- معجزات: اليد المشلولة

كان يخرج على الليل، مرة في الاسبوع، ليستقي ماء من نبع قريب. واتفق أن أحد الرعاة رآه، عن بعد، يتحرك في العتمة، وهو يسير منحنياً إلى أمام، وقد أثقلته سلال الحديد، فحسبه ذئباً، وجهَّز مقلاعه ليرميه بحجر، فشلّت يده وأعجزه رمي الحجر، إلى أن عاد الرجل الإلهي بالماء الذي استقاه. فشعر الراعي عندئذٍ بخطئه، وأسرع، عند طلوع النهار، إلى المنسك الفاضل، يروي ما حدث، ويعتذر، فيحصل على مغفرة زلته، لا لأنه سمع صوتاً ما، بل لأنه حزر استعدادات اسابسيماس الطيبة، من حركات يده.

3- قصاص فضولي

أراد رجل آخر، بدافع من الفضول الشائن، ان يعرف كيف يقضي اسابسيماس وقته، فتجرأ وتسلق شجرة دلب نبتت إلى الحائط . فإذا به يجني من فوره، ثمار وقاحته، فاسترخى جنبه، من الرأس إلى القدمين، فأسرع يُقر بخطئه، مسترحماً، لكن اسابسيماس اسمعه أنه سيشفى إذا قطع شجرة الدلب، فيجنب غيره ذات المصير، لزلة مماثلة. لذلك أمره بقطع الشجرة فوراً. وما ان قطعتا الشجرة حتى زالت اللعنة. هذا يعني ان السيد الرب، كان يغدق عليه من النعم، بقدر ما كان هذا الرجل الملهم، يظهر من الحلم.

4- يُنبىءُ عن موته ويُرسم كاهناً
 

لما حانت الساعة ليغادر هذا العلم، أعلن انه لم يعد له سوى خمسين يوماً يعيشها على الأرض. واذن لكل طالب بأن يأتي إليه ويشاهده. فجاء رئيس كنيسته، وألح عليه بقبول نير الكهنوت، قائلاً له: "يا أبتِ، اني عالم بسمو حكمتك، وعظم شقائي. فبقوة رتبتي الأسقفية، لا بقوة شقائي، أولي الرسامات الكهنوتية. فتقبل نعمة الكهنوت، بواسطة وضع يدي، موهبة من الروح القدس". ويقال انه أجاب: "ما دمت أرحل بعد أيام، فَلَن أناقش هذا الموضوع، لأنني لو كنت سأعيش مدة أطول، لتهربت من تحمل مسؤولية الكهنوت الكبيرة المهيبة، تخوفاً من تأدية الحساب عن الوديعة التي عهدت بها إلي. ولكن بما انني راحل بعد زمن قصير، وتارك أمور الدنيا، أقبل، بطيبة خاطر، ما أمرت به". وركع في الحال، دون ان يضطره أحد، ينتظر النعمة. وكان الأسقف، وهو يضع يده عليه، أداةً للروح القدس.  

5- خصام حول جسده

بعد رسامته كاهناً، عاش أياماً قليلة، ثم انتقل من هذه الحياة إلى الأخرى، ليحصل، بدلاً من هذا الوجود، الحافل بالعناء، على ذلك الذي لا يعرف الشيخوخة ولا الأحزان. الجميع أرادوا ان يستولوا على جسده، فكان كل منهم يود أن يأخذه إلى قريته. لكن أحدهم كشف عما تعهّد به الناس للقديس، بأن يدفنوه حيث يريد، فوضع حداً للخلاف، بقوله: ان اسابسيماس كان قد استحصل على وعد معزز بالحلف، بأن يدفن في مكانه.

6- اتضاع عند الموت، ومجد وقوة في السماوات

سكان السماء، همهم ان يححتفظوا بالبساطة، حتى بعد الموت. ففي حياتهم لم تراودهم أفكار العظمة، وبعد موتهم، لم يطلبوا تكريم البشر لهم. بل حبهم، كل حبهم، للعريس، مثل النساء الضعيفات، وهنّ لا يبتغين إلا حب أزواجهن لهنّ، واطراءهم لا اطراء غيرهم. لهذا السبب، فإن العريس قد أهلهم للمدح وأذاع صيتهم في البشر، على الرغم منهم. فإنه، لعمري، يفتش أحدنا عن أموراللّه، ويطلب الخيرات السماوية، فإن العريس يزيدها خيرات كثيرة، وهو يستجيب طلباته مرات عديدة، وقد جعل له منها قاعدة، فيقول: "اطلبوا ملكوت اللّه وبرّه، والباقي كله يزاد لكم". (متى 33:6) وأيضاً، "من يترك أباه  وأمه واخوته وامرأته وأولاده لأجلي، ولأجل بشارتي، ينل مئة ضعف في هذا العالم، ويرث الحياة الأبدية في العالم الآتي" (متى 29:19). قال وفعل.

ليتنا نحن، وقد تعلّمنا بالقول وبالعمل، وثَبَّتَنَا وتوسُّل هؤلاء الناس، نسرع نحو الهدف، لننال جزاءً لدعوتنا السماوية، بالمسيح  يسوع ربنا. 

 
 
 

www.puresoftwarecode.com