القديس أغوسطينوس، "احبب وافعل ما تشاء"

 
  القديسة مونيكا   إكليريكية مار أغوسطينوس   القديس اغوسطينوس  


 

28 آب  تذكار القديس أغوسطينوس
 
 

1- حياة القديس اغوسطينوس
 

ولد أغوسطينوس سنة 354، في مدينة تاغستا، شمالي افريقيا، من والدين مسيحيين، بتريسيون ومونيكا. تلقّن العلوم العالية على أساتذة وثنيين فمحوا من ذهنه ما كان قد تعلمه من مبادئ الديانة المسيحية. أتمّ دروسه العالية في قرطاجة، فتفوق على أقرانه وهو في التاسعة عشرة من عمره. وكان طموحا ً الى المجد والغنى، وَلوعاً بمطالعة كتب الفلاسفة الوثنيين وشعرائهم. إستسلم الى شهوات الجسد، وانتحل طريقة المانيين المنكرين الوحي والمعتمدين على فلسفة الطبيعة وقوة العقل البشري. ورأى في تلك الطريقة ما زاده توغلاً في المفاسد والشرور.
وكانت والدته مونيكا تبكي وتتضرع الى الله لأجل إهتداء إبنها. فاستجاب الله صلاتها، وكشح عن عقل أغوسطينوس ظلمات الضلال. فنبذ المانيّة وفسادها، لأنها لم تكن لتشبع عقله وقلبه المتعطشين الى ينبوع الحقيقة والمحبة الصافي. وقد حمله على التوبة مثل المتوحدين ولاسيما حياة القديس أنطونيوس الكبير فقال لصديقه أليبيوس: "هؤلاء البسطاء يرثون السماء ونحن العلماء نلهو بأباطيل الارض؟" ثم خرج يبكي خطاياه ويأسف على سيرته الماضية.
قصد القديس أمبروسيوس الذي كان يسترشده يوم كان تلميذاً في ميلانو، فمنحه سر العماد المقدس وهو إبن 33 سنة.
أما أمه مونيكا فطار قلبها فرحا ًعلى إهتداء إبنها، ثم رقدت بالرب بين يديه. وانكبّ على أعمال التوبة ومطالعة الكتاب المقدس والتأليف، فرسمه فاليريوس أسقف إيبونه كاهنا ً سنة 391 وأقامه مساعدا ً له.
القديس أغوسطينوس وامه القديسة مونيكا

ولما توفي فاليريوس، خلفه أغوسطينوس على كرسي الأسقفية. فأخذ يعيش عيشة الراهب الناسك. شيّد للرهبان ديرا ً قضى فيه حياته كلها. كما أنشأ ديرا ً للراهبات، كانت أخته رئيسة عليهنّ.
وقام يكافح الدوناتيين فأفحمهم ورد منهم كثيرين الى الحقيقة، كافح هرطقة البيلاجيين الناكرين النعمة ومفاعيلها والخطيئة الأصلية. لقبَّ "باللاهوتي وكوكب العلماء وزهرة المدارس وعمود الكنيسة ومفزعة المبتدعين".
وقد أنشأ اغوسطينوس الكنائس والمستشفيات والمياتم. وكان عطوفا ً كل العطف على الفقراء والمرض. وقد إضطر مرّة أن يبيع آنية الكنيسة ليقدم جزية عن بعض الأسرى، وأعماله الخيرية لا يحصى لها عد.
وكفـَّى بكتاب إعترافاته الشهيرة دليلا ً على عمق تواضعه... وفي تأمله بسر التجسد كان يقول: "يا رب، من لا يعبدك كمبدع المخلوقات، يستحق جهنم، ولكن من لا يعبدك بعد أن تجسدت وتألمت ومت لأجله، فإنه يستحق جهنماً أخرى أشد عذابا ً".
وأنهى هذا القديس العظيم حياته في الملكوت مع المسيح في 28 آب سنة 430، وله من العمر 76 سنة. وقد أغنى الكنيسة بما تركه من المؤلفات التي تربو على 120 كتابا ً ما عدا الرسائل النفسية. وأنشأ رهبانية تعدّ اكثر من مئتي جمعية من رهبان وراهبات ينتمون إليه ويسيرون بموجب القوانين والفرائض التي وضعها. صلاته معنا. آمين.


2- حياة القديس اغوسطينوس

هنالك في تاغسطا، المعروفة اليوم بسوق أخرس بالجزائر، أبصر أغوسطينوس النور، في بيت شريف، من أب وثني وأم مسيحية في 13 تشرين الثاني سنة 354. توسم فيه والده الخير فأخذ يعدانه لمستقبل باهر, وهل اضمن للنجاح، في مجتمع روماني، من العلم والثقافة العالية؟ دخل المدرسة الابتدائية، صغيراًن حتى إذا ما أكمل الثانية عشرة من عمره انتقل إلى معهد شهير في مادورا.

وأخذ ينهل العلم عن أساتذة تضلعوا من أصوله وتمرسوا به طويلاً، ويتودد إلى أتراب له في المدرسة، جروه وراءهم على طريق الشر والفساد في سن مبكرة، ولم يخالفهم رأياً، وأبى أن يتخلف عنهم في مداعبة الإثم والارتماء في أحضانه.

وعجز والده عن تأمين سفره إلى قرطاجا لمتابعة دروسه فانفتح أمامه باب اللهو واسعاً.

وحين توفرت له أسباب الرجوع إلى المدرسة عاد واكب على الدرس والتحصيل الجامعي فجلى بين زملائه في فن الخطابة، ودرس المحاماة.

وسافر من جديد إلى قرطاجة، حيث أسس بمساعدة أحد أثرياء المدينة معهداً لتدريس الخطابة، فأقبل عليه الطلاب من كل حدب وصوب، وأخذ يلقنهم، وجلهم من عمره، فن الكلام، ولم يتقيد بمنهج رسمي، بل كان يتحين الفرص وينضم إلى صفوفهم، خارج أوقات الدرس، ليقضي معهم زمناً، يتناقشون في خلاله مختلف المواضيع. وسرعان ما اكتسب ثقتهم وتقديرهم وحببوا إليه السفر إلى روما للتدريس، لأن قرطاجة، في نطاقها الضيق، أعجز من أن توفيه حقه في هذا المضمار.

ولدى قدومه إلى ميلانو تعرف أغوسطينوس إلى أمبروسيوس أسقف المدينة وتردد عليه فتعلقه، واستمع إلى مواعظه فأعجبته بلاغتها، وعايش الكاثوليك فصادق أكثر من واحد كما حظي بصداقة سمبلشيانوس، الكاهن الشيخ، المعروف في المدينة بتقواه وفضيلته، فكفر بماضيه واقتنع بضرورة العماد ثم ما لبث أن عدل عنه حتى نهاية السنة الدراسية لأنه اعتبره نعمة عظمى لا توازيها نعمة إذا ما قبلها المرء وجب عليه الترفع عن كل عيب.

أنهى أشغاله المدرسية وراح يستعرض في عزلة تامة، في كسيسيا كوم، ماضيه المرير المؤلف، وهنالك بعيداً عن العالم، بالصلاة والصوم والتأمل أعاد النظر في حياته كلها واعتمد، فكان اهتداؤه إلى الكثلكة حدثاً صاعقاً في ميلانو.

وتعرضت الكنيسة الكاثوليكية لصدمات عدة من مختلف البدع المسيحية، فاستعان به كاثوليك هييون لصد هجمات الدوناتيين الكلامية، وقدموه إلى أسقفهم فرقاه إلى الدرجة الكهنوتية واتخذه مساعداً له في إدارة الأبرشية.

وحين توفى مطرانه سيم اسقفاً خلفاً له فساس الأبرشية طوال أربع وثلاثين سنة كان في خلالها المرجع الوحيد للجميع، ولم يكف عن التأليف والكتابة برغم كثرة أشغاله الإدارية والروحية.

 

   اعترافات القديس أغوسطينوس

 
وكتب اعترافاته التي يضم هذا الكتاب نصها في ثلاثة عشر كتاباً. وهي ليست صك اتهام ضد نفسه بقدر ما هي شهادة حية تنطق بجود الله وصلاحه ومحبته وتعترف بفضله. أي إنسان بلغ من الصدق في الإقرار بذنبه ما بلغه أغوسطينوس؟ وأي إنسان لم يخف في إقراره بالواقع المرير عيباً خجل منه؟ أما أغوسطينوس فقد حطم قيود الحياء البشري وسحق الكبرياء وقضى في ذاته على الأنانية التي تستعبد معظم الناس! أنه لم يكن خاطئاً، أقرب إلى الناس، منه، تائباً. كلا، أغوسطينوس نفسه، العطشان إلى الحقيقة، قبل عماده، يعب من سرابها الوهمي، راح اليوم ينهل، بعد عماده، بنفس الشغف والشوق من ينبوعها الصافي.
 
 

 

 
 

Click pictures to Enlarge               

 
 
 
enlarge enlarge  enlarge
 
 
القديس اغوسطينوس الثالوث الاقدس القديس يوسف والطفل يسوع
 
   
Copyright © ,  Pure Software Code